السبت، 9 فبراير 2013

كَبُرْتَ يا هذا


بُرتَ يا هذا، ولستَ وحدكَ من يشعر بذلك أعلم؛ ولكنَّك لا تدري فيمَ كَبُرْتَ، فمسَّ التأمُّل منك جانباً من الحيرةِ وظللتَ على غير هدى!
أمَّا الزمنُ فما أخذَ لنفسه منك سوى عامٍ واحدٍ فَنَيَ قبل أن تشعرَ بِكِبَرِك. ولستَ بمن صعدَ درجةً في السلَّمِ الوظيفي أو المعيشي حتى تدرك صِغَرَ ما كُنتَ عليه أو ما كان حولك.
وليس جديداً جِدَّةَ المُستقبلِ زواجكَ حتى تعتقد بأنَّكَ أتعبْتَ زَمَنَكَ عزوبيةً ومراهقة، كما أنَّه ليس قديماً قِدَمَ الحقِّ حتى تراك به دون ولدٍ وتلد!
وما زلتَ تكبرُ يا هذا، وما زلتُ معكَ في معمعة الجهل في سببِ ذلك دون غيره، ولعلَّك حينما تبحثُ من تلقاءِ نفسِكَ بعد أن تكُفَّ عن النظرِ فيما سبقَ برويَّةٍ؛ تجدُ أن الانتقال ما بين طورينِ أحدهما كبير والآخرُ أكبر يأتي منطقياً إذا ما كان للتدرُّجِ معنىً ودلالةً فيه، وعليه فإنَّكَ لا يقِفُ عليه حِسُّكَ فجأةً، بل إنك لا تكاد تتذوَّقه إلا بعد مرحلةٍ تشيرُ لك على ما تغيَّر!
أمَّا البغتة التي انكشفَ عليها حجاب حِسِّكَ، فلذلك أبعادٌ مركوزةٌ فيما وراء العقل، قد تجدُ الكثير منها ذا معنىً منطقيٍّ في أغوار نفسك ومكمن عاطفتك!
وإن أكبرتَني في هذه، فلا تغتابُ وعيَكَ إن أنتَ ما استطعتَ أن تعزو ذلك الشعور إلى القصي من روحك، والبعيد من ذاتك فيك مما تعجزُ أن تطَّلعَ على الأطوار المنطقية لديه، فتدحضُ بها حُججَ عقلك فيما بدالك!
وثم إنَّه ليس من شيءٍ ذا بالٍ في برزخٍ من أنَّكَ كَبُرْتَ سوى أن تشعرَ بذلك وتعتدَّ به أمام نفسك، أمَّا ما عداه فَكِبَرٌ على كِبَرِك تشيخُ به همًّا وفكرًا وعمرًا.

السبت، 2 فبراير 2013

حفيدُك يا أبي

حُدِّثتُ بأنَّ تسمية الولدِ بالوالدِ ليست من لوازم البرِّ ولا من موجبات حُسن الصحبة؛ ولكني يا أبي ولأمرٍ أنت تعلمه ـ وقد لا تأبه به في برزخك ـ أردتُ أن أُخلِّدَكَ حاضراً في حفيدك لا غائباً عن ابنك منذ أن تجاوزتُ الثلاثة أشهر فقط.
حفيدُكَ يا أبي هو مادة قلبي التي أعرضها لك وأنا أُشهِدُ اللهَ على أحبك حتى ولو لم يكن ذلك إلا حديثاً لا يجري خاريج الصهاريج التي وضعها من يعتقد بأني لستُ أحبُّ فيك إلا الفطرةَ التي جبلني الله عليها!
حفيدكَ يا أبي هو أمَلُ الغيابِ في ألَّا يطول أكثر.
حفيدُكَ يا أبي هو ثمرتك التي أوزعتَ إليَّ بأن أتعهدها حتى تُظلِّلُ عليك معي، حفيدُكَ يا أبي ليس إلا أنتَ في نظر أبيه وكفى!
نُحبُّك عسى الله أن يرحمَكَ ويجمعنا بك في جنانه.