بورخيس في صنعة الشعر كان معلماً حاذقاً، وكان متواضعاً لا يفرض علمه ولا نفسه في طريقة إلقائه لمحاضرته؛ كم كنتُ أتمنى في الحقيقة أن لو حظيت في حياتي الدراسية بمعلمٍ مثله يشير إلى ثقتي بنفسي ثم يقول لي نمِّها بنفسك. حينما كان يختار الأمثلة في هذه المحاضرة فإنه لا يغفل الجانب الذي يزعم أنها ليست الأفضل؛ ولكنها مما جرت على الذاكرة، بل إنه يدعو الطلاب لأن يقيسوا ما قاله على أمثلةٍ من عندهم قد تكون أفضل. ولعل هذا سيباً لعدم جنوحه إلى إنشاء قوائم بقيمة الكتب التي تعلم منها؛ لأنه يذكر أنها دائماً مظنة إغفال المهم.
يتحدث عن الشعر هنا باعتباره بداية الأدب، ثم إنه جرى على الاستعارات فيه وعلى تأليف الكلام وبنائه وموسقته.
كان عذباً وهو يتحدث، وكان واضحاً وهو يناقش أفكار النقاد في بيتٍ ما، أو في نظريةٍ لترجمة حرفية أو بالمعنى المفهوم.
الكتاب تمهيد إلى ما هو أعمق، ولا أراه ينهج مناهج التعليم بالرغم من أن هدفه الأساسي تعليمي.
شكراً بورخيس، شكراً أيها المعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق