" لا أريد أن أكبر " بالقدر الذي
يؤلمني معناها بالشعور بالكبر فضلاً عن الكِبَر نفسه إلا أنها تقف غصةً في حلقي
حينما ترددها ابنتي تالا، كلما وعدناها بتحقيق شيءٍ لها مستقبلاً، أو عرضنا أمامها
ما يخصها لمرحلة عمرية لاحقة. لستُ أدري أفكر ملياً وجلياً في مسوغ تلك العبارة
لمن هم في أعمارنا ممن انتصف شبابه وتهيأ لأن يستقبل كهولةً ما، إذ ذاق من نعيم
الشباب ــ ولو لم يكن من نعيمه إلا أن يخلعه على نفسه بزينته ولذاته وقوته وبسطته
ــ ما يجعله لا يودُّ أن يُفطم من رضاعة هذه المرحلة تحديداً؛ لكن كيف هو حينما
تتمناه طفلةٌ صغيرة لم تتجاوز الرابعة من عمرها بعد؟!
حين تردد ذلك غاضبةً وصائحة أتهادى
بألمي وأتذكر أحد الأصدقاء وقد تمنى ألا تكبر ابنته، وهذا لا يعني ـــ عند بعض
المتشائمين ـــ رجاءً ما، أو دعاءً بالموت، ولكن أن تبقى طفلة بكل ما فيها طوال
حياته، وإن كان في هذا نوع من الأنانية بالنسبة إليه إلا أنه هو ذاته ما تطلبه
تالا الجميلة، رغم أنها لا تعرف البراءة ولا الوداعة ولا سرَّ ذلك الخلود المرتجى
في هذه الأمنية؛ لا تعرف منهم إلا نفسها، نفسها التي تعني كل تلك الدلائل الفطرية الجميلة
وأحبَّت ألا تفقدها على سبيل العمر وهو يمضي.
ألمي يا ابنتي هو في إحساسك بذلك،
وليس فيه نفسه كما قلت؛ لأن هذا مما يثقل كاهل الكبار فكيف بكِ يا حبيبتي؛ لكنني
وبداعٍ من فطرتك تلك التي تمنت أن تدوم لحظاتها الجميلة دون بعد نظر أعدك أننا
سنعمل جاهدين على ألا تشعري بذلك الكبر أبداً، أنت طفلة، وستظلين طفلةً في عين
أبيكِ إلى يموت.
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفقلوب كثيرة لـ تالا ❤️
ردحذفوإعجاب بقدرتك العظيمة على رسم الدهشة على وجوه القرّاء.
حفظها الله لك ..