الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

فترجحُ بهم غزة

تميل الناس، فترجحُ بهم غزة
ويعوَّجُ الأمرُ ويختلط ويلتبس فتقيمه وتبينه غزة
وتصغر المدنُ والعواصمُ إذا ما قورنت بكبرياء غزة لا كِبَرِها
ما هذا والله بكلامٍ مفترى؛ ولكنه حقيقةٌ يتحدث بها الزمنُ الذي خُصص لنا، وخُصصنا له كأعظمِ فتنةٍ تمرُّ على الأمةِ وهي منها، أجل نحنُ والذي خلقنا ـــ إن قلَّب أحدُنا الأمر في رأسه وتفكر ملياً ـخلُص إلى أننا ـــ فتنة هذا الزمن للأمة، وأنَّا في عين إخوتنا من الجلالة والمحبة والثقة لأشد فتنة من أهوال المسيح الدجال ساعة خروجه بالقدرة التي يسخرها الله بين يديه فينقلب الناس بعد إيمانهم كفاراً إلا من رحم الله!
ترجحُ غزة؛ لأنها حرةٌ إن جاعتْ لا تأكل بثدييها. تحاصُر من أدنى أخٍ لها أغلق دونها بابه، إلى أولئك الذين بعدوا عن الشرف حتى بلغوا من خزي ذلك عليهم أن يخجل عاقلُهم ويضطرب حين يعتقد أنه يصدح بصوته بالحق وهو في الحقيقة يكاد لا يصل صوته إلى الهواء الذي يحف به، وهذا الحصار ـــ لعمري ـــ  أشدُّ عليها من ذلك الذي التفَّ به العدو، وقلبت به الطبيعة ظهر المجن عليها، فما من معينٍ ولا ناصر إلى الله سوى هذا الصبر والتوكل عليه سبحانه.
أما ما يلتبس على الناس ويعوجُّ وتقيمه غزة، فهو الدين الذي يدعو إليه منافقو هذا العصر وهو بين بين في زعمهم أنه بذاك وسطٌ من الوسط، حتى أنهم آثروا السلامة في كل حربٍ إلا أن تقطع رأس امرئ مسلمٍ، أو تكشف عورة امرأة مسلمة، أو تنزع روح طفل من المسلمين. هؤلاء هم الذين جابهوا ردة الفعل التي تصدر من امرئ مسلمٍ: سواءً أكانت صائبة، أم صابئة، ووصموا ذلك بالتطرف والإرهاب، ثم نخروا بأدواتهم الإعلامية وما ساندها جذع شعيرة من الإسلام هي أشد ما يخشاه العدو، وأجل ما يوقره الصديق؛ لنظهر في ربيع ذلك الخريف على صورة الحمل الذي لا يعرفُ فيمَ أخذه الذئب إليه؟!
دعوة هؤلاء إلى طرد العنف بكل أشكاله باتت أمراً أشبه " بخدعة الصبي عن اللبن " خاصةً بعدما ظهر من وجع غزة ما تداعت له شعوب الغرب المسيحية بل واليهودية في تظاهراتهم ضد الكيان الصهيوني وأشباهه وعملائه في ذلك القطاع، تلك التظاهرات التي كشفت للجميع أمرهم كشفت لنا أيضاً ذلك العجز الذي كنا نورايه بقصيدةٍ حيناً، وبمقالاتٍ أحياناً، وبتغريداتٍ بين حينٍ وأحيان، وبتنا حتى أقلَّ ما بدا من النصرة، وأقرب ما يكون للرفض على ما يجري في غزة لا نستطيع أن نبتدر العالم به؛ بل نظل كما عرفنا هذا العالم هامشاً وتبعاً حتى في هذه!
من أجل هذا ما زلنا نصغرُ كلما صدح هذا الكبرياء لوحده في وجه الحرب والمدن والشوارع والحضارة والعلم والإنسان الغربي الذي يرفعه الفلاسفة الغربيون عنا درجات، من أجل هذا بتنا مع هذه الآلة التي تحيط العالم أداةً تهلكُ نفسها بنفسها، فما ننجو إن آثرنا النجاة إلا بغيرنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اللهم لا تكل أهل غزة إلينا في أمرٍ فنخذلهم كدأبنا معهم، ولا تكلهم إلى أنفسهم طرفة عين، وكن لهم ناصراً ومعيناً ومحيطاً واكلأهم بعينك التي لا تنام.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق