السبت، 22 يونيو 2019

لم نعد كما كنا.. يا صديقي!


تغيرتَ، فكأنك صرفٌ من صروف الزمن، وكأنك في انقطاعك عني مرحلة من مراحل العمر، استتبَّ لها أن تقصر عن المزامنة والمزاملة بقية ذلك العمر. كيف لك يا صاحبي أن تصبح باهتاً شاحباً وقد كنتَ نضراً مشرقاً تملأ ما بيننا حياةً زاخرة بالإخاء والمحبة والإلف الذي أرداني خائباً إذ كان الغاية التي لا تسمو عليها غاية، فإذا بها لا شيء، تذوب كقطع الجليد يصهرها ما تخفيه ولا أدركه. أما البداية التي أوجستُ فيها توليك فكمنت في انصرافك عن مسابقتي الصلة، ومناجزتي البر، ومصاولتي الحديث العفو، وتأخرك عن كل ما يدعو إلى دوام ذلك، رغم أني لا أذكر أن قد بدا مني ما يسوءني فيك قبل أن يُسيء إليك، ولا ما تشعر معه بغربةٍ وأنا أحيط بك بروحي وما تشتهيه، وهذا ما أثار حفيظة إلفي وأملي فيك عقب أن أفردتُ في سعة تجافيك ومسافة غيابك صبري وحسن ظني، غير أنه لما أوغل ما بدا منك في روح صداقتنا وجب لي أن أكفَّ الأذى عنها، وأن أدفع ما استطعتُ عن صفاء سريرتها، وحسن غرسها، وبياض نبتتها، ذلك الحشد المتضافر من الهوام والسوام وكل ما خالطه خبثٌ ما مما يراد بها ويحاط بأثرها الجميل الباقي. وسأمضي في سبيل ذلك متعهداً ما قد مضى، مجلاً ما كان، واجداً في نفسي الكثير مما يضيق عنه قولك وعذرك وعتبك فيما بعد. وسلام الله على ما كان بيننا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق